طهران: كيف تنتخب إيران رئيسها؟

تعتزم إيران تنظيم انتخابات رئاسية مبكرة في 28 يونيو الجاري، على إثر وفاة رئيسها السابق، إبراهيم رئيسي في حادث تحطم مروحية. 

وفي حين أن السلطة المطلقة في إيران تقع على عاتق المرشد الأعلى، آية الله علي خامنئي، إلا أن بإمكان الرئيس التأثير على السياسة من خلال الاعتماد على قاعدة من الدعم الشعبي والانتماءات السياسية والصلات بالمؤسسات القوية. 

ويأتي التصويت في وقت يتصاعد فيه التوتر بين إيران والغرب، حيث تقوم طهران بتعبئة شبكة إقليمية من الميليشيات الوكيلة لاستهداف إسرائيل ردا على هجومها العسكري في غزة.

 

دور الرئيس 

يعمل الرئيس كنائب للمرشد الأعلى، ويقدم له المشورة بشأن شؤون الحكومة، وينفذ تعليماته، وعلى نطاق أوسع، يعمل كوكيل لأجندته السياسية.

رسميًا، الرئيس هو رئيس السلطة التنفيذية للحكومة، والتي تضم وزراء وحوالي 12 نائبًا للرئيس ومجموعة من الإدارات والوكالات التي تدير البلاد. 

والرئيس هو المسؤول أمام البرلمان، مما يعني أنه يمكن إجباره على المثول أمام المجلس لمواجهة الأسئلة.

ويختار الرئيس حكومته، لكن كل تعيين يخضع لموافقة البرلمان، وفي بعض الأحيان يرفض المشرعون المرشحين الوزاريين، خاصة عندما يهيمن فصيل سياسي معارض على المجلس.

 

حجم سلطته  

تعتمد سلطة الرئيس في إيران على حجم قاعدة دعمه، وعلاقاته الفئوية والمؤسساتية، والوضع الاقتصادي للبلاد، ومستوى طموحه الشخصي، وفق وكالة بلومبرغ.

لكن صلاحيات الرئيس بموجب الدستور لها حدود صارمة. 

الرئيس في إيران مجرد ممثل مدني منتخب من قبل شعب، إذ أن المرشد الأعلى – الذي يعينه مجلس من الفقهاء ورجال الدين – هو الذي يتخذ القرارات المصيرية ويصدر المراسيم المهمة.

 

من يدير الانتخابات الرئاسية؟

يقرر مجلس صيانة الدستور المؤلف من 12 عضوا من يمكنه الترشح في أي انتخابات.

ويتم تعيين نصف أعضائها من قبل المرشد الأعلى، والباقي من قبل البرلمان.

هناك تصور واسع النطاق في إيران بأن قرارات المجلس تعكس آراء خامنئي وحساباته بشأن من يجب السماح له بالترشح.

وهناك قدر ضئيل من الشفافية في عملية صنع القرار في المجلس، وبعض المقاييس التي يستخدمها للموافقة على المرشحين يمكن أن تكون ذاتية وغامضة، مثل “التمتع بسجل جيد، والجدارة بالثقة والتقوى”.

كما أن سجل المجلس في استبعاد السياسيين المشهورين أو المعروفين وكبار رجال الدين، دون أي تفسير في كثير من الأحيان، أدى أيضًا إلى تقويض مصداقية العملية وعدالتها.

 

من يمكنه الترشح؟ وهل للنساء الحق في ذلك؟

وفقا للدستور الإيراني، يجب أن يأتي الرئيس من “النخبة الدينية والسياسية” في البلاد ويجب أن يكون لديه الجنسية الإيرانية وأن يكون من “أصل إيراني”.

ويجب عليه أيضًا أن يؤمن بـ”أساسيات جمهورية إيران الإسلامية والدين الرسمي للبلاد”. وهذا يعني أن أي مرشح يجب أن يدعم النظام الثيوقراطي في إيران.

ويستطيع غير المسلمين، وحتى المسلمين الذين لا ينتمون إلى الطائفة الشيعية، الترشح للمناصب.

وبحسب وزارة الداخلية، يجب أن يتراوح عمر المرشحين أيضًا بين 40 و75 عامًا، وأن يتمتعوا بخبرة لا تقل عن أربع سنوات في منصب حكومي رفيع، وألا يكون لديهم سجل جنائي.

يُسمح للنساء بالتقدم للترشح أثناء عملية التسجيل، وقد فعلت العديد من النساء ذلك في الماضي. 

ولم يحصل أي منهن على الموافقة النهائية لخوض الانتخابات في مجلس صيانة الدستور، وهناك افتراض واسع النطاق بأن النساء مستبعدات بحكم الأمر الواقع.

 

من هم المرشحون للانتخابات المقبلة؟

وافق مجلس صيانة الدستور على ستة من بين 80 مرشحا مسجلا، وكان النائب مسعود بيزشكيان هو الإصلاحي الوحيد المتبقي.

أما الباقون فهم من المتشددين في المؤسسة وهم رئيس البرلمان والضابط السابق في الحرس الثوري الإيراني محمد باقر قاليباف، والمفاوض النووي السابق سعيد جليلي، وعمدة طهران علي رضا زاكاني، ورجل الدين مصطفى بور محمدي، ونائب الرئيس أمير حسين غازي زاده هاشمي.

وتستمر الحملة الانتخابية حتى 26 يونيو، أي قبل يومين من التصويت.

وغالبا ما يقف المرشحون الأضعف جانبًا أثناء فترة الحملات الانتخابية أو بعد بث المناظرات التلفزيونية المباشرة الأولى. 

وعادة ما يستغرق فرز جميع بطاقات الاقتراع يومًا على الأقل، وغالبًا ما يتم نشر النتائج من قبل إحدى المؤسسات الإخبارية التي تديرها الدولة قبل أن تعلنها وزارة الداخلية رسميًا.

 

كيف تعامل الرؤساء الإيرانيون مع خامنئي؟

كان رئيسي متحالفاً بشكل وثيق مع خامنئي، كما أن بديله محمد مخبر يتبع نفس المنوال.

وبعيداً عن هذين الاثنين، اختلف خامنئي مع كل من عملوا تحت قيادته وقام بتهميشهم منذ أن أصبح المرشد الأعلى في عام 1989. 

كان آية الله أكبر هاشمي رفسنجاني، في بداية ولايته حليفاً وثيقاً لخامنئي، لكن تم دفعه إلى الهامش بعد أن أعرب عن قلقه بشأن الهجمات التي شنتها قوات الأمن على الطلاب المتظاهرين في أعقاب الانتخابات الرئاسية المتنازع عليها عام 2009.

وتولى رفسنجاني الرئاسة من عام 1989 إلى عام 1997، ودفع بسياسات اقتصادية أكثر ليبرالية عززت إعادة إعمار إيران في أعقاب الحرب مع العراق في الفترة 1980-1988. 

وبعد أن قضى فترتين انتهتا عام 2005، كما تعرض لحظر إعلامي منذ عام 2015، تم تهميش محمد خاتمي، الرئيس الإصلاحي الوحيد في الجمهورية الإسلامية، الذي أشرف على فترة من النمو الاقتصادي و”علاقات أكثر دفئا مع الغرب”، بما في ذلك مستوى نادر من التعامل مع الولايات المتحدة. 

وكان محمود أحمدي نجاد، المتشدد الشعبوي وأول رئيس إيراني غير ديني، متشدداً في التعامل مع الغرب. 

وتدهورت العلاقات بين طهران والغرب بسبب المخاوف بشأن البرنامج النووي الإيراني، وفي نهاية المطاف فرض الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة عقوبات على صادرات الطاقة الإيرانية والبنوك الإيرانية بسبب هذه القضية. 

أدى ذلك إلى اندلاع أول أزمة عملة كبرى في البلاد منذ الحرب مع العراق، وأصبحت إيران فيما بعد أكثر اعتمادا على الصين في التجارة. 

وبعد ترك منصبه، تم نبذ أحمدي نجاد إلى حد كبير بسبب اشتباكات مع المؤسسة الدينية الإيرانية حول قضايا مختلفة بما في ذلك العلاقات مع إسرائيل والشرط القانوني الذي يقضي بارتداء النساء لغطاء الرأس.

 

 

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *