قال مسؤولون عسكريون، السبت، إن ثلاثة رهائن إسرائيليين أُطلق عليهم النار بالخطأ من قِبَل القوات الإسرائيلية في قطاع غزة و كانوا يلوحون بعلمٍ أبيض كما أنهم كانوا عُراة عندما قُتلوا، وهذا هو أول اعتراف إسرائيلي بهذا النوع من الأذى للرهائن في حربها ضد حماس.
و من المرجح أن يزيد الغضب من جراء القتل الخاطئ بالضغط على الحكومة الإسرائيلية لإعادة تفعيل المفاوضات التي تقوم بها قطر بوساطة مع حماس لتبادل المزيد من الرهائن المتبقين، والتي تقول إسرائيل إن عددهم 129، بأسرى فلسطينيين في سجون إسرائيل.
و ربطت حماس إطلاق المزيد من الأسرى بوقف إسرائيل لحملتها الجوية والبرية القاسية في غزة، في حين صرّح قادة إسرائيليون بأن إطلاق سراح الرهائن يُمكن تحقيقهُ فقط من خلال الضغط العسكري.
و تُثير الرواية المتعلقة بوفاة الرهائن تساؤلاتٍ حول سلوك القوات الإسرائيلية. وقد أفاد الفلسطينيون في عدةِ مناسبات بأن الجنود الإسرائيليين أطلقوا النار على المدنيين أثناء محاولتهم الفرار إلى أماكن آمنة. وادعت حماس أن رهائناً آخرين قُتلوا سابقاً بنيران إسرائيلية أو ضربات جوية، دون تقديم أدلة.
كما صرّح مسؤولٌ عسكري إسرائيلي -تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته لإحاطة الصحفيين وفقاً للوائح العسكرية- أنه من المرجح أن يكون الرهائن قد تم التخلي عنهم من قِبَل مُختطفيهم أو أنهم هربوا. وأضاف المسؤول أن سلوك الجنود “يتعارض مع قواعد الاشتباك لدينا” وأنه يتم التحقيق فيه على أعلى مستوى.
“فعل الرهائن كل ما بوسعهم للإشارة إلى أنهم ليسوا تهديداً، ولكن إطلاق النار هذا تم أثناء المعارك وتحت الضغط”، وفقاً لما صرًح به (هرتسي هليفي) رئيس الأركان العامة للجيش الإسرائيلي، في بيانٍ صادر في وقت لاحق يوم السبت.
وأضاف هليفي: “قد تحدث حوادث إضافية يتمكّن فيها الرهائن من الهروب أو يتم التخلي عنهم أثناء المعارك. و نحن لدينا الالتزام والمسؤولية لإخراجهم بسلام”.
و قُتل الرهائن الثلاثة، الذين يبلغون جميعاً العشرينات من العمر، الجمعة، في منطقة شجاعية في مدينة غزة، حيث تخوض القوات معارك عنيفة مع مقاتلي حماس. وكانوا من بين أكثر من 240 شخصاً تم احتجازهم خلال هجوم غير مسبوق من قبل حماس في إسرائيل في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، والذي قُتل فيه حوالي 1400 شخص، أغلبهم مدنيين. وقد أثار هذا الهجوم بداية الحرب.
و قد اجتاحت محنة الرهائن الحوار العام في إسرائيل. وفي تجمع ليلة السبت في تل أبيب، انتقد (روبي تشين) والد الرهينة (إيتاي تشين) البالغ من العمر 19 عاماً، الحكومة للاعتقاد بأنه يمكن استعادة الرهائن عن طريق الضغط العسكري على حماس. وقال: “ضعوا أفضل عرض على الطاولة لإعادة الرهائن إلى منازلهم بأمان، فنحن لا نريد استعادتهم في أكياس”.
وقال المسؤول العسكري الإسرائيلي إن الرهائن الثلاثة خرجوا من مبنى قريب من مواقع الجنود الإسرائيليين. و كانوا يلوحون بعلم أبيض و عُراة، وذلك على الأرجح في محاولة للإشارة إلى أنهم لا يشكلون تهديداً.
و تم قتل اثنين منهم على الفور، وعاد الثالث إلى المبنى وهو يصرخ بالمساعدة بالعبرية. و أصدر القائد أمراً بوقفِ إطلاق النار، ولكن موجة أخرى من إطلاق النار قتلت الرجل الثالث.
و وفقاً للإعلام الإسرائيلي، وبالتحديد صحيفة “يديعوت أحرونوت” اليومية ذات الانتشار الواسع، قامت بتقديم تقريراً أكثر تفصيلًا. حيث ذكر التقرير أنه وفقاً للتحقيق في الحادث، فقد قام الجنود بمتابعة الرجل الثالث وطلبوا منه أن يخرج، وأن أحد الجنود أطلق عليه النار عندما ظهر من السلم.
كما قدمت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية تقريراً مُشابهاً استناداً إلى التحقيق الأولي، حيث ذكرت أن الجنود الذين تبعوا الرهينة الثالثة اعتقدوا أنه عضو في حماس يحاول خداعهم. و أفادت وسائل الإعلام المحلية أيضاً بأن الجنود رأوا مبنى قريب مع وجود عبارات “SOS” و “النجدة”! “ثلاثة رهائن” قبل يومين، ولكنهم خشوا أن يكون ذلك فخاً.
و صرحت (داليا شايندلين) -المسوحة الإسرائيلية والمحللة السياسية- من غير المرجح أن تؤدي عمليات القتل إلى تغيير الدعم الشعبي للحرب بشكل جماعي. و أن معظم الإسرائيليين ما زال لديهم شعور قوي بأسباب القتال ويعتقدون أن حماس بحاجة إلى الهزيمة.
قالت “إنهم يشعرون وكأنه ليس لديهم خيار آخر”.
و أكدت عمليات القتل الخطر الذي يواجه الرهائن الذين يُحتجزون في مناطق المعارك البيتية مثل الشجاعية، حيث قُتل تسعة جنود هناك هذا الأسبوع في واحدة من أكثر الأيام دموية بالنسبة للقوات البرية في الحرب. وقد أعلنت القوات العسكرية أن حماس قد زرعت الألغام في المباني وشنّت كمائن على القوات بعد خروجها من شبكة الأنفاق التي بنتها تحت مدينة غزة.
و قد أفرجت حماس عن أكثر من 100 رهينة في صفقة تبادل مع السجناء الفلسطينيين خلال هدنة مؤقتة في نوفمبر/ تشرين الثاني، و تم إطلاق سراح معظم النساء والقاصرين من الجانبين. لكن المحادثات تعطلت بشأن المزيد من صفقات التبادل.
و أعلنت حماس أنها ستقوم بإطلاق سراح الرهائن المُتبقين فقط إذا انتهت إسرائيل من الحرب وأفرجت عن جميع الأسرى الفلسطينيين. و حتى نهاية نوفمبر/ تشرين الثاني، كانت إسرائيل تحتجز حوالي 7,000 فلسطيني مُتهمين أو مُدانين بجرائم أمنية، بما في ذلك مئات الأشخاص الذين تم اعتقالهم منذ بداية الحرب.
كما أفادت وزارة الصحة في غزة التي تُديرها حماس، الخميس، بأن الهجوم أسفر عن مقتل أكثر من 18,700 فلسطيني. و لا تُفرق وزارة الصحة بين المدنيين والقتلى العسكريين. و لم تحدد الوزارة عدد النساء والقاصرين في تلك الحصيلة، ولكنهم يشكلون نحو ثلثي القتلى بشكل متسق.
و كانت آخر تحديثات الوزارة قبل فرض حظر الاتصالات الذي ما زال يُعرقل خدمات الهاتف والإنترنت في قطاع غزة. حيث قال (ألب توكر) مدير مجموعة “نت بلوكس” التي تتتبع انقطاع الإنترنت: “مر إلى الآن 48 ساعة والعد التنازلي مستمر. و من المرجح أن يحد انقطاع الإنترنت و الاتصالات من التقارير والرؤية للأحداث على الأرض”.
و كانت الحرب مميتة بالنسبة للصحفيين. حيث أقام العشرات من المشيعين صلاة الجنازة يوم السبت لـ (سامر أبو دقة)، الصحفي الفلسطيني العامل في قناة الجزيرة الذي قتل، الجمعة، في ضربة إسرائيلية في مدينة خان يونس الجنوبية. و قالت لجنة حماية الصحفيين إن المصور هو الصحفي رقم 64 الذي يُقتل في الصراع: 57 فلسطينياً وأربعة إسرائيليين وثلاثة لبنانيين.
ولقد دمرت الحرب جُزءاً كبيراً من شمال قطاع غزة وأجبرت 85٪ من سكان القطاع البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة على مغادرة منازلهم. و تجمع الأشخاص النازحين في ملاجئ، و بشكلٍ رئيسي في الجنوب. و لم تصل إلا القليل من المساعدات إلى غزة، حيث تتعطل عمليات التوزيع بسبب القتال.
و أعلنت البطريركية اللاتينية في القدس أن اثنتين من النساء المسيحيات في مُجمع كنيسة في مدينة غزة قُتلتا، السبت، بنيران قناصةٍ إسرائيلي وأُصيب سبعةٌ آخرون. و تم تحديد هوية النساء على أنهما أم وابنتها، حيث قتلت إحداهما أثناء محاولتها لنقل الأخرى بأمان. و يوجد في غزة مجتمع مسيحي صغير يتألف من حوالي 1000 شخص. و لم تصدر تعليقات فورية حتى الآن من الجانب الإسرائيلي.
و في أجزاء أُخرى من مدينة غزة المُدمَرة، أفاد المواطن (أسد أبو طه) هاتفياً من الشجاعية بـ”قصفٍ عنيف”. وأفاد آخر ساكن يدعى (حمزة أبو سعادة) عن وجود غارات جوية عنيفة في مخيم اللاجئين الحضري في جباليا.
كما ذكر صحفي تابع للأسشويتتد برس في جنوب قطاع غزة أنه تمت ضربات جوية وقصف بالدبابات خلال الليل في خان يونس ورفح.
كما أعربت الولايات المتحدة، حليفة إسرائيل الأقرب، عن قلقها إزاء فشل إسرائيل في تقليل عدد الضحايا المدنيين وخُططها لمستقبل غزة، ولكن البيت الأبيض ما زال يُقدم الدعم من خلال شُحنات الأسلحة والدعم الدبلوماسي.
وكان وزير الدفاع الأمريكي (لويد أوستن) في زيارةٍ إلى إسرائيل لمُتابعة المناقشات حول الجدول الزمني لتخفيف مرحلة القتال الشديدة في الحرب.
وقد حثّت الولايات المتحدة إسرائيل على السماح بمزيدٍ من المساعدات إلى غزة، وأعلنت الحكومة أنها ستفتح نُقطة دخول ثانية في كرم شالوم لتسريع عمليات التوزيع.
إليكم أيضاً بعض العناوين المرتبطة بالحرب في غزة:
• ضربة إسرائيلية تستهدف مدرسة وتقتل مصور قناة الجزيرة في جنوب غزة
• البنتاغون يأمر بإبقاء حاملة طائرات أمريكية في البحر الأبيض المتوسط بالقرب من إسرائيل
•الاتحاد الأوروبي يتعثر في توحيد موقفه حول دعوة لوقف إطلاق النار في غزة ولكن العمل على السلام مستمر
•قادة عسكريون أمريكيون يتوجهون إلى إسرائيل وسيقدمون نصائح بشأن التحول إلى مرحلة ما بعد الحرب في غزة
•الولايات المتحدة وبريطانيا تقولان إن بحريتيهما أسقطتا 15 طائرة مُسيّرة هجومية في البحر الأحمر
•مستشار الأمن القومي الأمريكي يقول إن التوصل إلى اتفاق مفاوض هو أفضل طريقة لإنهاء التوتر بين لبنان وإسرائيل
•المحكمة في لاهاي ترفض محاولة حظر نقل أجزاء طائرات القتال إف-35 إلى إسرائيل من مستودع هولندي
• الجيش الإسرائيلي يقول أنه قتل خطأً 3 رهائن إسرائيليين في جزء مدمر نتيجة للقتال في غزة
التعليقات