
تبدأ الولايات المتحدة وإيران، وسط ضغوط كبيرة، محادثات بشأن برنامج طهران النووي السبت في العاصمة العمانية مسقط، مع تهديد دونالد ترامب بعمل عسكري في حال الفشل بالتوصل إلى صفقة جديدة.
وستكون هذه المحادثات الأعلى مستوى بهذا الشأن منذ أن انسحب الرئيس الأميركي دونالد ترامب من الاتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني في العام 2018 خلال خلال ولايته الأولى.
ويرتقب أن يقود مبعوث ترامب إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، ووزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي الاجتماعات خلف أبواب مغلقة في مسقط.
وأعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب الجمعة أن إيران “لا يمكنها امتلاك سلاح نووي”، وذلك قبيل محادثات السبت.
وقال ترامب للصحافيين على متن طائرة الرئاسة الأميركية “اير فورس وان”، “أريد أن تكون إيران دولة رائعة وعظيمة وسعيدة. لكن لا يمكنهم امتلاك سلاح نووي”، وذلك قبل ساعات من لقاء ويتكوف وعراقجي.
وفي مؤشر إلى التباعد بين الجانبين، لم يتم تأكيد صيغة المحادثات حتى الآن، إذ وصفتها الولايات المتحدة بأنها مباشرة، بينما تصرّ إيران على وجود وسيط.
وأصر البيت الأبيض الجمعة على أن المحادثات ستكون مباشرة.
وقالت المتحدثة باسم الرئاسة الأميركية كارولاين ليفيت لصحافيين “ستكون هذه محادثات مباشرة مع الإيرانيين، أريد أن يكون ذلك واضحا تماما”، مضيفة “يؤمن الرئيس بالدبلوماسية والمحادثات المباشرة، والتحدث مباشرة في القاعة نفسها”.
من جهتها ذكرت وكالة تسنيم الإيرانية للأنباء أن الوفدين يصلان السبت ويبدآن محادثات غير مباشرة بعد اجتماع مع وزير الخارجية العماني بدر بن حمد البوسعيدي. وأوضحت الوكالة أن المحادثات يتوقع أن تبدأ في فترة بعد الظهر على أن يكون البوسعيدي وسيطا فيها.
ولم يتضح بعد إن كانت المحادثات ستقتصر على يوم السبت.
وأعلن ترامب عن المحادثات بشكل مفاجئ قبل أيام قليلة خلال حديث أمام صحافيين في البيت الأبيض مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو.
وتأتي المحادثات بين الجانبين اللذين لا تربطهما علاقات دبلوماسية منذ عقود، عقب تهديدات متكررة بشن عمل عسكري من جانب الولايات المتحدة وإسرائيل على الجمهورية الإسلامية.
وقال ترامب الأربعاء، ردا على سؤال عما سيحدث إذا فشلت المحادثات في التوصل إلى اتفاق، إنه “إذا تطلب الأمر تدخلا عسكريا، فسيكون هناك تدخل عسكري”.
وردا على تهديد ترامب، قالت إيران إنها قد تطرد مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وهو ما حذرت الولايات المتحدة من أنه سيكون “تصعيدا”.
•الوقت ينفد
ومنذ عودة ترامب إلى السلطة في كانون الثاني/يناير، أجرى الأميركيون محادثات لوقف إطلاق النار في غزة وأوكرانيا في قطر والسعودية تواليا، من دون تحقيق تقدم كبير حتى الآن.
لكن رغم ذلك، تأتي المباحثات في ظل متغيرات في الشرق الأوسط، بعدما أضعفت حربان خاضتهما إسرائيل في قطاع غزة ولبنان حليفين رئيسيين لطهران هما حركة حماس وحزب الله، بينما يتعرض الحوثيون المدعومون منها لضربات أميركية. وتعاني إيران كذلك عقوبات مفروضة عليها منذ سنوات طويلة.
من ناحيتها، تريد واشنطن منع إيران من الاقتراب من تطوير قنبلة نووية من خلال إجبارها على إنهاء برنامجها النووي، فيما تؤكد طهران أن البرنامج مخصص للأغراض المدنية فقط.
وبعد انسحاب واشنطن الأحادي من الاتفاق المبرم في 2015، تراجعت إيران عن التزاماتها تدريجا. ومطلع كانون الأول/ديسمبر، أعلنت طهران أنها بدأت تغذية أجهزة طرد مركزي جديدة في موقع فوردو “ما من شأنه على المدى الطويل إحداث زيادة كبيرة في معدل إنتاج اليورانيوم المخصب عند مستوى 60%”، وفق الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وقدرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في تقريرها الأخير أن إيران تمتلك 274,8 كيلوغراما من اليورانيوم المخصب بنسبة 60 %، معربة عن “قلق عميق”.
وببلوغها عتبة تخصيب عند مستوى 60%، تقترب إيران من نسبة 90% اللازمة لصنع سلاح نووي.
من جانبها، تسعى واشنطن لإبرام اتفاق جديد قبل أن تنتهي صلاحية آلية العودة التلقائية للعقوبات التي كانت جزءا من الاتفاق السابق، في تشرين الأول/أكتوبر المقبل.
وأكد علي شمخاني، مستشار المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي الجمعة، أن إيران تبحث عن اتفاق “واقعي وعادل” مع الولايات المتحدة.
كذلك، أعرب وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو عن تفاؤله بالمحادثات، قائلا في اجتماع حكومي “نأمل بأن تقود إلى السلام”.
•ضغوط قصوى
وقال علي فايز من مجموعة الأزمات الدولية لوكالة فرانس برس إن الاتفاق على نطاق المحادثات سيكون “إحدى القضايا الأولى والأكثر أهمية”.
وأضاف أن “إيران لا ترغب في جدول أعمال واسع في المراحل المبكرة. لكن لن يكون أي اتفاق مستداما ما لم يصبح أكثر شمولا”.
وأشار فايز إلى أن إيران “يُحتمل أن تنخرط في خطوات لخفض برنامجها النووي، ولكن ليس تفكيكه تماما” في مقابل تخفيف العقوبات.
من جهته، اعتبر كريم بيطار المحاضر بدراسات الشرق الأوسط في كلية العلوم السياسية في باريس، أن المفاوضات “لن ترتكز حصرا على (…) البرنامج النووي”.
وأضاف لفرانس برس “لا بد من أن يشمل الاتفاق توقف إيران عن دعم حلفائها الإقليميين”، وهو مطلب قديم من حلفاء الولايات المتحدة في الخليج.
وتجري هذه المحادثات رغم استياء إيران من سياسة “الضغوط القصوى” التي انتهجها ترامب بزيادة العقوبات وتهديدات بالعمل العسكري.
وتواجهت إيران وإسرائيل للمرة الأولى بشكل مباشر في تشرين الأول/أكتوبر بعد تصاعد التوترات عقب اغتيال قيادات من حزب الله وحماس والحرس الثوري الإيراني، على خلفية الحرب في غزة.
ورأى بيطار أن “الأولوية الوحيدة لإيران هي استمرارية النظام، واحتمال الحصول على بعض الأكسجين، بتخفيف بعض العقوبات، لاستعادة زخمها الاقتصادي مرة أخرى، لأن شعبية النظام تراجعت بشكل كبير”.
التعليقات