بعد أن أصبح الذكاء الاصطناعي حقيقة لا خيالاً علمياً ودخل في مجالات الحياة اليومية والحضارة الإنسانية، أصبح لا بد من التنبّه لأخطاره من اقتباس الإنتاج الفكري والابتكارات وتحويرها واستخدامها بدون أي رقيب أو حسيب.
أبرمت شركات كبرى متخصصة في الذكاء الاصطناعي التوليدي صفقات لضمان الحقوق المرتبطة باستخدام محتوى معين، إلا أنّ غالبية البيانات والصور والنصوص والأصوات استُخدمت من دون الحصول على موافقة صريحة.
لهذا السبب ومن أجل حماية أعمالهم من برامج الذكاء الاصطناعي، عمد عدد من الفنانين إلى إدخال تغييرات إلى أعمالهم حتى تُصبح غير قابلة للاستخدام وذلك بمساعدة باحثين جامعيين.
من هؤلاء الفنانين بالوما ماكلين وهي رسامة أمريكية بدأت برامج كثيرة للذكاء الاصطناعي تحاول ابتكار صور مستوحاة من أسلوب عملها، مع أنّ الفنانة لم توافق على ذلك ولا تستفيد منه مادياً.
سعياً منها إلى الحد من استغلال أعمالها، استعانت ماكلين ببرنامج “غليز” لإضافة عناصر “بيكسل” غير المرئية للعين المجردة إلى أعمالها، بهدف تعطيل عمل الذكاء الاصطناعي. ولاحظت بعد هذه الخطوة أن صورها أصبحت غير واضحة.
يقول بن تشاو الباحث في جامعة شيكاغو الذي أنشأ فريقه برنامج “غليز” إنه يحاول توفير الأدوات التكنولوجية لحماية المبتكرين من “إساءة استخدام نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدية”.
وابتكر بن تشاو، الأستاذ في علوم الكومبيوتر، برنامج “غليز” في أربعة أشهر فقط مستعيناً بأعمال سابقة ترمي إلى تعطيل تقنية التعرف على الوجوه.
جرى تحميل “غليز” منذ إطلاقه أكثر من 1,6 مليون مرة، بحسب الباحث الذي يستعد فريقه لإطلاق برنامج جديد هو “نايت شايد”.
يقول بن تشاو مؤسس برنامج “غليز” إنّ “الهدف يكمن في أن يتمكن الأشخاص من حماية المحتوى الخاص بهم، سواء كانوا فنانين أو شركات تتمتع بقدر كبير من الملكية الفكرية”.
هناك أيضاً مبادرات أخرى منها واحدة أطلقتها شركة “سبانينغ” التي ابتكرت برنامج “كودورو” لرصد محاولات جمع الصور عبر المنصات المتخصصة.
ويمكن للفنان إما وقف إتاحة أعماله أو إرسال صورة غير تلك المطلوبة، وهو ما يشكل “تسميماً” لنموذج للذكاء الاصطناعي والتأثير على مدى موثوقيته، بحسب جوردان ماير، المشارك في تأسيس “سبانينغ”. وتم دمج أكثر من ألف موقع الكتروني في شبكة “كودورو”.
ابتكرت شركة “سبانينغ” أيضاً “هاف آي بِن ترايند” وهو موقع يرصد ما إذا كان نموذج للذكاء الاصطناعي استعان بصور ويمنح مالك هذه الصور القدرة على حمايتها من أي استخدام مستقبلي لا يحظى بموافقته.
ويهدف برنامج “هاف آي بن ترايند” إلى “جعل الناس قادرين على بيع بياناتهم لقاء مبالغ”، وفق المطوّر ماير الذي أعلن عن إطلاق منصة في مطلع العام 2024.
يقول ماير “إن الحل الأفضل هو الوصول إلى عالم تخضع فيه كل البيانات المستخدمة في الذكاء الاصطناعي لموافقة المعنيين والدفع مقابل استخدام أعمالهم. ونأمل أن ننجح في دفع المطورين في هذا الاتجاه”.
بالنسبة لحماية الأصوات، ابتكر باحثون من جامعة واشنطن برنامج “أنتي فايك” الذي يعمل على إضافة أصواتٍ غير محسوسة للأذن البشرية، مما يجعل تقليد الصوت البشري أمراً معقداً ولا بل مستحيلاً، بحسب ما يقول تشييوان يو طالب الدكتوراه المسؤول عن فكرة هذا المشروع.
ومع أنّ “أنتي فايك” لم يُستخدم حتى الآن سوى في مجال اللغة، يمكن أن يوفر حماية لأصوات المطربين والمطربات، على قول الباحث.
التعليقات