دمشق: فصائل المعارضة المسلحة تحاصر مدينة حماة وسط البلاد من ثلاث جهات

نجحت هيئة تحرير الشام وفصائل المعارضة السورية المتحالفة معها في محاصرة مدينة حماة رابع كبرى مدن سوريا من ثلاث جهات، حسبما قال المرصد السوري لحقوق الإنسان الأربعاء، وذلك إثر هجوم خاطف من الشمال فيما تحاول قوات النظام صدّهم.

وبعد سيطرتها على عشرات البلدات ومعظم مدينة حلب، ثاني كبرى المدن السورية، وصلت الفصائل المسلحة الثلاثاء إلى “أبواب” مدينة حماة التي تعتبر استراتيجية للجيش لأن حمايتها ضرورية لتأمين العاصمة دمشق الواقعة على مسافة حوالي 220 كيلومترا إلى الجنوب، وفق المرصد.

هل اقتحمت المعارضة مدينة حماة؟

وقال مقاتلو الفصائل المسلحة الخميس إنهم بدأوا دخول حماة. حيث صرّح حسن عبد الغني القيادي في قوات المعارضة على مواقع للتواصل الاجتماعي: “قواتنا بدأت التوغل في مدينة حماة”.

لكن مصدر عسكري سوري قال في وقت لاحق إنه “لا صحة للأنباء التي توردها مصادر الإرهابيين حول وصولهم إلى منطقة جسر المزارب أو دخولهم أي حيأكثر من أحياء مدينة حماة، وجميع قواتنا بعرباتها وآلياتها المنتشرة على أطراف المدينة تتمركز في نقاط متقدمة وتشكل خطوطا دفاعية منيعة في مواجهة أي محاولة تسلل للإرهابيين”.

وذكر المرصد أنّ الفصائل “طوّقت حماة من ثلاث جهات، حيث باتت تتواجد على مسافة تراوح بين ثلاثة وأربعة كيلومترات منها، وذلك إثر اشتباكات عنيفة تخوضها مع قوات النظام التي لم يبق لها إلا منفذ واحد باتجاه حمص جنوبا”.

وأفاد المرصد بـ”معارك طاحنة ليلا بين الفصائل وقوات النظام، تركزت في منطقة جبل زين العابدين الاستراتيجية، على بعد نحو خمسة كيلومترات شمال مدينة حماة، وتزامنت مع غارات سورية وروسية كثيفة وقصف بصواريخ بعيدة المدى”.

 

ما أهمية مدينة حماة للنظام؟

وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن إن “قوات النظام تتصدى بشراسة لهجمات الفصائل، وتستميت في الدفاع عن مدينة حماة، وتمكنت ليلا من شلّ هجمات الفصائل التي كانت طوقت المدينة من ثلاث جهات وتقدمت إلى أطرافها الشمالية”.

وفي وقت متأخر الأربعاء، نقل الإعلام الرسمي السوري عن مصدر عسكري قوله: “نفذ الطيران الحربي السوري الروسي المشترك وقوات المدفعية والصواريخ.. ضربات نوعية مركزة على أماكن تحشد الإرهابيين ومحاور تحركهم في ريف حماة”.

وتحاول الفصائل منذ مطلع الأسبوع التقدم إلى حماة، التي تعد مدينة استراتيجية في عمق سوريا، تربط حلب بدمشق. ومن شأن السيطرة عليها، وفق عبد الرحمن، أن “تشكل تهديدا للحاضنة الشعبية للنظام”، مع تمركز الأقلية العلوية التي يتحدر منها الرئيس بشار الأسد في ريفها الغربي. 

وتعد هذه المعارك التي خلّفت 704 قتلى خلال أسبوع واحد بينهم 110 مدنيين بحسب المرصد، الأولى بهذا الحجم منذ 2020 في سوريا.

وبعد إطلاقها هجوما مضادا “بعد منتصف الليل”، تمكنت القوات الموالية للحكومة السورية من “تأمين بوابة مدينة حماة الشمالية الشرقية” وسيطرت على قرى عدة، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان، الذي أشار إلى اشتباكات في مناطق أخرى في المحافظة.

وجرت الأربعاء “اشتباكات عنيفة” بين الجيش مدعوما بالطيران الروسي وفصائل المعارضة في شمال حماة، بحسب وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا).

 

مخاوف من انتهاكات جسيمة بحق المدنيين

في ظل هذه التطورات، أبدت منظمة هيومن رايتس ووتش الأربعاء مخاوفها من تعرض المدنيين في شمال سوريا لانتهاكات جسيمة من قبل القوات الحكومية والفصائل المعارضة. وقالت المنظمة الحقوقية في بيان: “يثير اندلاع الأعمال القتالية الكبرى في شمال سوريا.. مخاوف من أن يواجه المدنيون خطرا حقيقيا بالتعرض لانتهاكات جسيمة على أيدي الجماعات المسلحة المعارضة والحكومة السورية”.

من جهتها، أعلنت وكالة “د ب أ” الألمانية للأنباء مقتل مصورها أنس الخربوطلي عن 32 عاما في قصف جوي قرب حماة.

وفي صوران الواقعة على بُعد حوالى عشرين كيلومترا شمال المدينة، أظهرت لقطات لوكالة الأنباء الفرنسية مدنيين يفرون في شاحنات فيما يقوم مقاتلون في الفصائل المعارضة بدوريات في شاحنات صغيرة شاهرين أسلحتهم.

وأفاد نائب منسق الأمم المتحدة الإقليمي للشؤون الإنسانية للأزمة السورية ديفيد كاردن لوكالة الأنباء الفرنسية بأن “أكثر من 115 ألف شخص نزحوا أخيرا في أنحاء إدلب وشمال حلب”. 

في هذا السياق، أطلقت السلطات الكردية التي تسيطر على مناطق شمال شرق سوريا الأربعاء نداء “عاجلا” لتقديم مساعدات إنسانية في مواجهة وصول “أعداد كبيرة” من النازحين.

وأعلنت الخارجية الروسية الأربعاء أن روسيا وإيران، الحليفتين الرئيسيتين لدمشق، وكذلك تركيا الداعم الرئيسي للمعارضة، على اتصال وثيق لتحقيق استقرار الوضع في سوريا.

 

هل المعارضة قادرة على الاحتفاظ بمناطق سيطرتها؟

وبدأ الهجوم الخاطف الذي تقوده هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة قبل فكّ ارتباطها بتنظيم القاعدة) في 27 نوفمبر/تشرين الثاني، بعدما عمّ هدوء نسبي منذ 2020 مناطق الشمال الغربي بموجب اتفاق لوقف لإطلاق النار رعته أنقرة وموسكو.

وفي غضون بضعة أيام، سيطرت المعارضة على مساحات واسعة من شمال البلاد وجزء كبير من حلب التي خرجت بالكامل عن سيطرة النظام للمرة الأولى منذ بداية الحرب الأهلية، ما يمثل انتكاسة كبيرة لقوات النظام.

وقالت إيران الثلاثاء إنها مستعدة “لدراسة” إرسال قوات إلى سوريا إذا طلبت دمشق ذلك.

وترى الباحثة في كلية لندن للاقتصاد ريم تركماني بأن التقدم السريع للمعارضة لا يعني أنهم سيكونون قادرين على الاحتفاظ بالأراضي التي سيطروا عليها. وقالت في هذا الصدد: “لقد انتشروا بسرعة كبيرة. أعتقد أنهم سيدركون بسرعة كبيرة أن حماية هذه المناطق، والأهم من ذلك، إدارتها، يفوق قدرتهم”.

وباتت سوريا المدمرة بسبب الحرب التي خلّفت نصف مليون قتيل، منقسمة إلى عدة مناطق نفوذ.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *