تقرير: تعزيزات بالشرق الأوسط.. هل الحرب الإقليمية على الأبواب؟

“حرب إقليمية تطرق أبواب منطقة الشرق الأوسط وستؤدي لنتائج كارثية، إذا لم تتدخل الولايات المتحدة لوقف التصعيد”، هكذا يتحدث عدد من الخبراء العسكريين والاستراتيجيين عن التطورات التي تشهدها المنطقة في ظل “التوتر” بين إسرائيل وحلفائها من جانب وإيران ووكلائها من جانب آخر.

 

حرب “على الأبواب”؟

تتأهب إسرائيل والولايات المتحدة لرد إيران وحزب الله على مقتل فؤاد شكر، القائد العسكري الكبير بالجماعة اللبنانية في بيروت، وإسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحماس، في طهران.

والجمعة، أعلنت وزارة الدفاع الأميركية، أن الولايات المتحدة ستعزز وجودها العسكري في الشرق الأوسط عبر نشر مزيد من السفن الحربية والطائرات المقاتلة “لتخفيف احتمالات تصعيد إقليمي من جانب إيران” أو وكلائها.

وقال الجيش الإسرائيلي، الجمعة، إن البحرية الإسرائيلية استكملت في الأيام القليلة الماضية وبنجاح اختبارا لنظام اعتراض “أل.آر.إيه.دي” بعيد المدى المصمم لصد عدد من التهديدات بما يشمل صواريخ كروز.

وفي حديثه لموقع “الحرة”، يربط الخبير العسكري والاستراتيجي الإسرائيلي، كوفي لافي، احتمالية “اندلاع حرب إقليمية” بطبيعة الهجوم الإيراني المرتقب.

ويقول: “بعد الهجمة الإيرانية سوف نعلم تماما ما هو الرد الإسرائيلي وطبيعته وتأثيره”.

وإسرائيل مستعدة لخوض “حرب إقليمية أو موسعة” مع إيران وحلفائها، وكان لديها الوقت الكافي لـ”تعبئة مخازنها من الأسلحة”، وهي مستعدة مسبقا لاحتمالية “اتساع الحرب” واتخذت كافة “الاستعدادات” لمواجهة ذلك، حسبما يؤكد الخبير العسكري الإسرائيلي.

ومن جانبه، يشير الخبير العسكري والاستراتيجي، العقيد ركن متقاعد، إسماعيل أبو أيوب، إلى أن منطقة الشرق الأوسط “متوترة” وفي ظل تزايد احتمالية اندلاع الحرب بين “محور المقاومة” وإسرائيل.

وتحركات الجيش الأميركي “طبيعية”، تحسبا لما يمكن أن يحدث في الأيام المقبلة من تصعيد أو توتر بالمنطقة، وفق حديثه لموقع “الحرة”.

ويؤكد أن إرسال الولايات المتحدة أصول عسكرية وعلى رأسها حاملة الطائرات “يو أس أس ثيودور روزفلت” للمنطقة هو “تعزيز لإجراءات الردع”.

أما الخبير العسكري والاستراتيجي، اللواء أمين مجذوب، فيؤكد أن إسرائيل تسعى لـ”إدخال إيران في حرب شاملة، لتدمير المشروع النووي الإيراني”.

وقتل هنية وشكر كان يهدف لـ”استفزاز إيران وجرها للانتقام، وبالتالي تدمير المشروع النووي الإيراني، والولايات المتحدة دفعت بقطع حربية لمنطقة الشرق الأوسط لدعم إسرائيل في ذلك الشأن”، وفق حديثه لموقع “الحرة”.

لكن على جانب آخر، يرى الخبير الاستراتيجي المقيم في إيران، حكم أمهز، أن “إرسال الولايات المتحدة قطع عسكرية للشرق الأوسط يناقض التصريحات الأميركية بأنها تسعى لاحتواء التوتر”.

وفي حديثه لموقع “الحرة”، يشير إلى أن إرسال تلك القطع العسكرية “يصب الزيت على النار، ويزيد من توتر الأوضاع بالمنطقة”.

وإذا كانت الولايات المتحدة تريد “تهدئة الأوضاع” كان عليها مطالبة إسرائيل بوقف الحرب في غزة، وضبط أداء رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، الذي فتح عدة جبهات على وسعها مستهدفا طهران وبيروت والحديدة، وفق أمهز.

ويؤكد أن قرار محور المقاومة هو “الرد القاسي” على إسرائيل، لأنه “لن يقبل” بأن يفرض الجانب الإسرائيلي عليه “معادلات جديدة فيما يتعلق بقواعد الاشتباك بالمنطقة”.

 

ميزان القوى.. لمن الغلبة؟

إيران مسلحة بأكبر عدد من “الصواريخ البالستية” في المنطقة، وتحتل المرتبة الـ14 عالميا بين أقوى جيوش الأرض، وفق موقع “غلوبال فاير باور”.

وتشكل الجماعات المدعومة من طهران ما يسمى بـ”محور المقاومة”، وهو تحالف من الميليشيات المسلحة التي تضم حماس والجهاد الإسلامي في غزة، وحزب الله في لبنان، والحوثي في اليمن، وجماعات مسلحة عدة في العراق وسوريا، وهي بمثابة خط دفاع أمامي إيراني، وتستخدمها إيران لنشر نفوذها في جميع أنحاء المنطقة.

وعلى جانب آخر، تحتل إسرائيل المرتبة 17 بين أقوى جيوش الأرض، وتمتلك واحدا من أكبر الجيوش في العالم، خاصة من ناحية التجهيز العسكري، وتعتمد على “ضخامة قوتها العسكرية”، من أجل الحفاظ على نفوذها في منطقة الشرق الأوسط.

ويشير لافي إلى أن الجيش الإسرائيلي قادر على خوض مواجهات مع “إيران ووكلائها في عدة جبهات في وقت واحد”، إذا اضطر لذلك.

أما أبو أيوب فيشير إلى أن إسرائيل لديها “سلاح الجو الأقوى بالمنطقة”، ولذلك فهي قادرة على الوصول لقلب الأراضي الإيرانية، وإنزال “ضربات قاسية” بمحور المقاومة.

ومن جانبه، يؤكد مجذوب أن إسرائيل جاهزة وترتب مع حلفائها من أجل “الخلاص من المشروع النووي الإيراني وتهديد إيران لدول الخليج”، لكن على الجانب الآخر فـ”طهران غير جاهزة للدخول في حرب إقليمية”.

ولذلك، فإن ميزان القوى ليس في صالح إيران، وهي في موقف “لا تحسد عليه”، على حد وصف الخبير العسكري والاستراتيجي.

لكن على جانب آخر، يؤكد أمهز أن إيران ومحور المقاومة “أكثر من مستعدان” لأي حرب بالمنطقة سواء “إقليمية أو غير ذلك” وفي حالة “استنفار كامل”، وإذا تطورت الأمور فهما على “استعداد لمواجهة كافة الاحتمالات الممكنة والمتوقعة”.

ومحور المقاومة في “أقوى ظروفه”، وإسرائيل في “وضع ضعيف” لأن جيشها أنهك خلال 10 أشهر من الحرب في غزة، والولايات المتحدة تستعد للانتخابات الرئاسية، وأي تطور بالمنطقة “سيؤثر على الداخل الأميركي”، وفق الخبير الاستراتيجي المقيم في طهران.

 

سيناريوهات “التصعيد”

توعد المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، بإنزال “أشد العقاب” بإسرائيل المتهمة بقتل زعيم حماس في طهران.

وخلال اجتماع عقد في طهران، الأربعاء، بحث مسؤولون إيرانيون مع ممثلين لمجموعات موالية لإيران، بينها حزب الله وحماس، سيناريوهات الرد المحتملة على إسرائيل، وفق ما نقلته وكالة “فرانس برس” عن مصدر مقرب من الجماعة اللبنانية مطلع على مضمون المباحثات.

وناقش المجتمعون، وفق المصدر، “إمكان أن يحصل الرد بالتوازي، بمعنى أن تقصف إيران وحزب الله والحوثيون أهدافا إسرائيلية في الوقت ذاته، أو أن يرد كل طرف بمفرده إنما بشكل منسّق”.

ورجح قيادي في “المقاومة الإسلامية في العراق” لفرانس برس أن “تقود إيران الرد الأول بمشاركة فصائل من العراق واليمن وسوريا ضد أهداف عسكرية، على أن يتبعه رد ثان من حزب الله”.

ويؤكد أمهز أن إسرائيل أمام “خيارين لا ثالث لهما”، الأول هو “ابتلاع الضربة” والعودة لقواعد الاشتباك السابقة، والثاني هو أن “ترد على ضربة محور المقاومة ووقتها سيكون هناك رد مضاد أقوى ومتزامن”.

وبين الرد والرد المضاد سنذهب لاحتمالية “حرب إقليمية” في منطقة الشرق الأوسط “الاستراتيجية والحساسة”، ما سيؤثر على الاقتصاد العالمي لأنه يمر عبرها جزء كبير من ناقلات  النفط والسفن التجارية، وفق الخبير الاستراتيجي المقيم في طهران.

ويؤكد أن لدى محور المقاومة “نفوذ مهم” بالبحر الأحمر ومضيق باب المندب وخليج عدن ومضيق هرمز ومنطقة الخليج، وستكون كلها “تحت النيران”، على حد تعبيره.

ولذلك فهو يعتقد أن إسرائيل سوف “تبتلع الضربة التي سوف يوجهها محور المقاومة بنسبة 60 في المئة”، وبنسبة 40 في المئة فإن الأمور ذاهبة نحو “حرب إقليمية”.

وتملك الولايات المتحدة بالفعل “قوة نيرانية كبيرة متاحة”، بما في ذلك مجموعة حاملة طائرات ومدمرات صواريخ موجهة متعددة في خليج عمان، فضلا عن مدمرات إضافية ومجموعة “يو أس أس واسب” البرمائية الجاهزة في شرق البحر الأبيض المتوسط، إلى جانب بطاريات الدفاع الصاروخي في جميع أنحاء الشرق الأوسط.

لكن على جانب آخر، يؤكد أبو أيوب أن عدم رد حزب الله وإيران حتى الساعة يعني وجود “محاولات لاحتواء اندلاع حرب شاملة ومفتوحة”، وقد يكون “الرد مدروس” ويتم إبلاغ إسرائيل به “عبر وسطاء”.

وانتظار “محور المقاومة” يشير إلى “اتفاق من تحت الطاولة على طبيعة الرد”، وسيكون ذلك عبر طائرات مسيرة وصواريخ باليستية ومجنحة، وبالتزامن مع ذلك سيكون هناك “هجوم من حزب الله على إسرائيل”، وفق الخبير الاستراتيجي.

ويرى أن الاحتمال الأرجح يتعلق بوجود “رد مدروس” من محور المقاومة، على أن تضغط الولايات المتحدة وحلفاء إسرائيل عليها لـ”تحمل الرد” وأن يكون “ردها المضاد مدروس أيضا” على غرار ما حدث في أبريل الماضي.

وفي أبريل، شنت إيران أول هجوم عسكري مباشر من أراضيها على الأراضي الإسرائيلية. ويومها، أطلق الحرس الثوري على إسرائيل وابلا من الطائرات المسيرة والصواريخ، وذلك ردا على غارة استهدفت السفارة الإيرانية في دمشق.

وفي تلك الليلة، ساهمت القوات الأميركية بقوة في الدفاع عن إسرائيل ضد الهجوم الإيراني.

 

السيناريو “الأخطر”

تتمتع منطقة الشرق الأوسط بموقع استراتيجي مهم وتمثل همزة وصل بين القارات الثلاث آسيا وأوروبا وأفريقيا، وتوجد بها بعض “أهم ممرات الملاحة الدولية”، وهي “غنية” بموارد الطاقة، وعلى رأسها النفط والغاز الطبيعي.

ويتحدث أمهز عن “كارثة” قد تحصل بالمنطقة وسوف تنعكس على العالم كله وليس المنطقة فحسب، إذا وقفت الولايات المتحدة إلى جانب إسرائيل ودافعت عنها “بشكل مباشر”.

ويقول إن روسيا والصين “لن تقفا مكتوفتا الأيدي” أمام مخاطر تهدد حليفهما بالمنطقة وهو إيران ومحور المقاومة.

وليس من مصلحة الولايات المتحدة اندلاع حرب إقليمية ستكون تداعياتها “غير معروفة النتائج”، وفق الخبير الاستراتيجي المقيم في إيران.

ومن جانبه، يؤكد أبو أيوب أن على إسرائيل “تحمل رد محور المقاومة” وعدم توجيه “ضربات مضادة قاسية”، لتجنب انزلاق المنطقة لـ”حرب مفتوحة لا يريدها الطرفين”.

ولكن إذا رد الجيش الإسرائيلي بشكل “قاس” على “هجوم محور المقاومة المرتقب”، فربما تندلع “حرب مفتوحة” بين إسرائيل وحزب الله، وفق الخبير الاستراتيجي.

ويتحدث أبو أيوب عن أن هناك “مخاطر كبيرة” إذا اندلعت الحرب وسوف تؤثر على العالم بأسره، فالحوثيون سوف يزيدون مخاطر استهداف السفن بالبحر الأحمر ومضيق هرمز، ووقتها قد تتوقف “صادرات النفط”.

ومن جانبه، يرى لافي أن إيران تريد أن “تحكم الشرق الأوسط بواسطة عملائها في المنطقة”، ولذلك يجب على إسرائيل وحلفائها من الدول العربية والأجنبية منع “أي مساس بالتجارة العالمية أو موارد النفط”.

ويتحدث الخبير العسكري والاستراتيجي الإسرائيلي عن احتمالية أن تتضرر موارد النفط بالمنطقة وحركة التجارة العالمية “لوقت مؤقت حتى انتهاء الحرب”.

أما مجذوب يتوقع اندلاع “حرب إقليمية شاملة طويلة الأمد”، قد تغير خريطة منطقة الشرق الأوسط بأكملها، وسيكون لها تأثير سلبي على تماسك “عدة دول بالمنطقة”.

وسوف تؤثر الحرب على العالم بأكمله بإيقاف “إمدادات النفط” لأنها ستصل للبحر الأحمر الذي يعد المعبر الرئيسي لحركة التجارة العالمية وصادرات النفط، وفق الخبير العسكري والاستراتيجي.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *