بدأت إجراءات اختيار رئيس حكومة جديدة في لبنان، بانطلاق استشارات نيابية ملزمة يجريها رئيس الجمهورية جوزاف عون، فيما انحصر الخيار بشكل كبير بين رئيس حكومة تصريف الأعمال الحالي نجيب ميقاتي، ورئيس محكمة العدل الدولية نواف سلام.
وينحصر المنصب بين الطائفة السنية في لبنان، وبعد أيام قليلة من انتخاب عون رئيسا للبلاد، وسط ضغوط قوية من أجل إنهاء حالة الفراغ السياسي في البلاد.
وقال مصدر مقرب من حزب الله اللبناني، لوكالة فرانس برس، إن الجماعة المقربة من إيران (المصنفة إرهابية في أميركا ودول أخرى)، وحليفتها حركة أمل بقيادة رئيس البرلمان نبيه بري، سيدعمان إعادة تكليف ميقاتي.
وعلى الجانب الآخر، تدعم القوى المعارضة لحزب الله، ترشيح سلام للمنصب.
وأبلغ نائب رئيس مجلس النواب إلياس بو صعب، الرئيس عون بأنه لن يسمى أحدا لرئاسة الحكومة خلال الاستشارات النيابية.
وقال: “على الحكومة أن تكون متجانسة لكي تنفّذ الخطوط العريضة في خطاب القسم للرئيس عون”.
من جانبه، أعلن النائب فؤاد مخزومي، عبر حساب على منصة إكس، الإثنين، سحب ترشحه لرئاسة الحكومة، داعما سلام.
وكتب: “أعلن انسحابي من الترشح الى رئاسة الحكومة، لأفسح المجال للتوافق بين كل من يؤمن بضرورة التغيير حول اسم القاضي نواف سلام، شاكراً الزملاء والقوى السياسية الذين منحوني الدعم والثقة”.
وكانت قوى معارضة تضم كتلة حزب “القوات اللبنانية” ونوابا مستقلين بمجموع 31 نائبا، قد أعلنت تأييدها لترشيح مخزومي.
كما أعلن النائب المعارض إبراهيم منيمنة، سحب ترشيحه لصالح سلام.
وحسب الدستور اللبناني، يسمي رئيس الجمهورية رئيس الحكومة المكلف، بالتشاور مع رئيس البرلمان، بعد إطلاعه على نتائج الاستشارات النيابية.
ويقف مخزومي، المولود في بيروت عام 1952 والحاصل على ماجستير الهندسة الكيميائية من جامعة ميشيغان الأميركية، على رأس “مجموعة المستقبل”، إحدى أبرز الشركات العالمية في صناعة أنابيب “الفيبرغلاس”.
وتوسعت أعماله لتشمل استثمارات في قطاعات متعددة، من الصناعة والهندسة إلى العقارات والإعلام، عبر شبكة شركات تضم أكثر من 5 آلاف موظف في 17 دولة.
وتمتد أنشطة مجموعته من الشرق الأوسط إلى أوروبا وآسيا وأميركا الشمالية. وإلى جانب نجاحه في عالم الأعمال، يسعى اليوم لقيادة الحكومة اللبنانية في مرحلة دقيقة من تاريخ البلاد.
أما سلام، الذي أراد مخزومي “إفساح المجال له”، فهو قاضٍ من مواليد 15 ديسمبر عام 1953، وأستاذ جامعي ورجل قانون ودبلوماسي، انضم لمحكمة العدل الدولية في 6 فبراير عام 2018.
وسبق أن عمل سفيرا للبنان وممثلا دائما لها في الأمم المتحدة بنيويورك خلال الفترة ما بين يوليو 2007 وديسمبر 2017.
ومارس سلام المحاماة وعمل أستاذا في التاريخ المعاصر في جامعة السوربون الفرنسية، ودرّس العلاقات الدولية والقانون الدولي في الجامعة الأميركية في بيروت.
ولا يعني تكليف رئيس جديد تشكيل حكومة أن ولادتها ستكون سريعة، فطالما استغرقت هذه المهمة أسابيع أو حتى أشهرا، بسبب الانقسامات السياسية في بلد يقوم نظامه على مبدأ المحاصصة.
من المنتظر أن تواجه الحكومة المرتقبة تحديات كبيرة، مثل إعادة الإعمار بعد الحرب الأخيرة بين إسرائيل وحزب الله، التي خلّفت دمارا كبيرا في جنوب وشرق البلاد وفي الضاحية الجنوبية بالعاصمة بيروت، بجانب تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل.
ويشمل الاتفاق انسحاب القوات الإسرائيلية من الجنوب والالتزام بقرار مجلس الأمن الدولي 1701 الصادر في العام 2006، والذي من بنوده ابتعاد حزب الله عن الحدود، ونزع سلاح كل المجموعات المسلحة في لبنان وحصره بالقوى الشرعية دون سواها.
ومن التحديات أيضا تنفيذ إصلاحات ملحة للدفع بعجلة الاقتصاد بعد أكثر من 5 سنوات من انهيار غير مسبوق.
التعليقات