لم تُمارس كرة القدم في اليمن الذي مزقته الحرب منذ عام 2014 سوى لفترات بسيطة؛ ولكن مع استمرار وقف إطلاق النار وخسارة الفريق تحت 17 عاماً تأهلًا لكأس العالم، إلا ان هذه اللعبة الجميلة ساعدت في تقريب اجزاء البلد المقسم.
منذ عام 2014 كانت الأخبار الواردة من اليمن قاتمة بشكل موحد تقريباً ولكن مجموعة من المُراهقين الذين لعبوا كرة القدم في تايلاند ساعدوا على توحيد البلاد.
كان فريق تحت عمر 17 عامًا واحدًا من ضمن 16 فريق فقط تأهل للبطولة الآسيوية التي أقيمت في حزيران/ يونيو، وبعد فوزه على ماليزيا ولاوس خرج من دور المجموعات ووصل إلى ربع النهائي لمواجهة إيران.
و كان الفوز يعني التأهُل إلى نصف النهائي، والأهم من ذلك الحصول على مكان في كأس العالم تحت سن 17 عام التي ستنطلق في إندونيسيا في تشرين الثاني/ نوفمبر.
كانت مباراة صعبة انتهت بنتيجة 0-0 ، حيث فازت إيران بركلات الترجيح. أما بالنسبة للاعبين الشباب كان من المحزن الاقتراب فقط من أول بطولة عالمية على الإطلاق، لكنها أظهرت على الأقل لمحة عن مستقبلٍ مُشرق لبلد لم يكن لديهِ الكثير للاحتفال في السنوات الأخيرة.
وقال (محمد سالم الزريقي) مساعد مُدرب اليمن ولاعب دولي سابق ، لـ DW: “أنا فخور بالفريق، فقد لعبنا مبارياتٍ قوية، ولولا سوء الحظ، لكنا قد تأهلنا لكأس العالم، لكن الشيء الأكثر أهمية هو التعرف على اللاعبين في المستقبل.”
وشوهد (ميروسلاف سوكوب) -المدير الفني للمنتخب الأول من منتخب التشيك- الذي قال : “أعرف كيف سيكون رد الفعل لو فازوا في تلك المباراة ؛ كان سيعطي دفعة قوية للجميع، و لقد كانت تجربة رائعة للمستقبل، و كان يحتاجها اللاعبون الشباب حيث لا يوجد الكثير من فرص لعب كرة القدم لهم”.
• المناخ الحالي
لأن الإنجازات الرياضية في اليمن يجب أن توضع في سياق الوضع الإنساني المزري في البلاد ، فهذا يعني أنه لم يتم لعب سوى القليل منذ ما يقرب من عقدٍ من الزمان.
و في عام 2014 سيطر المتمردون الحوثيون -بدعم من إيران- على العاصمة صنعاء ، وأطاحوا بالحكومة المعترف بها دولياً.
و في العام التالي تدخل تحالف تقوده السعودية لمحاولة إعادة الحكومة، وتبع ذلك سنوات من القتال.
و في عام 2021 توقع تقرير للأمم المتحدة 377 ألف حالة وفاة بحلول نهاية ذلك العام ، 60٪ منها ناجمة عن أسباب غير مباشرة للقتال ، مثل الجوع والمرض. و كانت اليمن بالفعل أفقر دولة في المنطقة قبل بدء القتال.
وقال (سوكوب) الذي انضم للاعبين في المعسكرات التدريبية والبطولات في الخارج: “لا أتذكر آخر مرة لعب فيها المنتخب الوطني على أرضه”. وأضاف قائلاً: “البلد خطير .. معظم الملاعب دُمرت بعد الهجمات الصاروخية لذا لا يوجد الكثير مما يمكن عمله خاصة أن اتحاد كرة القدم ليس ثرياً”.
كما يتعين على معظم اللاعبين الاكتفاء بالبطولات الإقليمية قصيرة العمر أو المباريات الودية المتفرقة أو الذهاب إلى الخارج. وقال (الزريقي) -وهو لاعب يمني دولي سابق ومولود في صنعاء- : “توقف الدوري الوطني لكرة القدم منذ 2014 بسبب الوضع الأمني ، وأثر ذلك على مستوى اللاعبين والأندية والمدربين”. فكان العمل مع “سوكوب” والمنتخب الوطني بعد جفاف وظائف التدريب المحلية يعتبر حلاً داعماً للاعبين والأندية.
و قد لا يكون هناك الكثير من كرة القدم المحلية ، لكن الاتحاد يعمل بجد للحفاظ على استمرار المنتخبات الوطنية، و قد كان تحديًا ، لكن المدربين طوروا نظامًا.
وقال (سوكوب) : “لدينا مساعدون في اليمن ونتواصل يوميا مع اللاعبين، فليس من الصعب إيجاد ثلاثة لاعبين لكل مركز ، ومن ثم لدينا نادي في اليمن ، وهذا العدد ينخفض إلى حوالي 30 ، كما أنه لدينا نادي خارج اليمن ، وذلك لنبدأ بالعمل معهم، ومنه نتصل باللاعبين المقيمين في الخارج ، وبعد أسبوعين أو ثلاثة أسابيع يكون لدينا فريق نهائي مكون من 23 لاعباً، ونكون مستعدون للذهاب “.
•مستقبل إيجابي
هناك سبب يدعو للتفاؤل، على الرغم من قِلة المباريات والتنافس المنتظم في كرة القدم ، أظهر فريق تحت 17 عاماً أنه يمكنهم التنافس مع الأفضل في آسيا ، متغلباً على قوة متوسطة مثل ماليزيا والتعادل مع إيران القوية.
و قال سوكوب أيضاً: “إنه يثبت أن المعايير الفنية الأساسية عالية، و إذا كانت هناك بيئة أفضل ، فيمكن أن يصبح اليمن فريقاً قوياً في آسيا.”
كما أن استمرار سريان وقف إطلاق النار الموقع في عام 2022 شرط مسبق. وقال الزريقي: “بالطبع هذا سيساعد كرة القدم على العودة”. كما قال الاتحاد إنه سيكون هناك دوري في تموز/ يوليو على الرغم من أن الشكل والجدول الزمني والموقع الدقيق لم يتم الانتهاء منه بعد ، حيث لا تزال أجزاء من البلاد تحت سيطرة المجموعات المختلفة.
وأضاف الزريقي: “نأمل أن ينجح الدوري ويساعد اللاعبين على المنافسة بشكلٍ جيد وأن يساعد المدربين في اختيار لاعبي المنتخبات الوطنية”.
ويعد التأهل لبطولة آسيا 2024 تحت 23 سنة التي ستقام في فيتنام في أيلول/ سبتمبر هو التحدي التالي. و بدعم من نجاح فريق تحت سن ال17 عامًا ، هناك بالفعل خطط لنوادي التدريب في المملكة العربية السعودية وجنوب شرق آسيا. في وقت لاحق من العام ، و بالتالي سيبدأ التأهل لكأس العالم 2026.
قال سوكوب: “نعمل جميعًا بجد ونأمل أن تظل الأمور مستقرة، و إذا كان من الممكن أن يكون هناك وضع كرة قدم طبيعي ، وهناك احتمال لهذا، لذا يعد الطريق طويل لنقطعه ، لكننا نتخذ خطوات صغيرة.”
التعليقات