شهد السودان تصعيدا دمويا في الصراع الدائر بين الجيش وقوات الدعم السريع، حيث قتل 176 شخصا على الأقل خلال يومين، نتيجة ضربات نفذها الطرفان في مناطق متعددة من البلاد.
ووفقا لحصيلة أعدتها وكالة الأنباء الفرنسية استنادا إلى مسؤولين ونشطاء ومحامين، فإن الضحايا توزعوا بين العاصمة الخرطوم وشمال دارفور وولايات أخرى.
وفي مدينة أم درمان شمال العاصمة، قتل 65 شخصا على الأقل إثر قصف مدفعي نفذته قوات الدعم السريع، بحسب ما أعلنه والي الخرطوم أحمد عثمان حمزة.
وأشار إلى أن إحدى القذائف أصابت حافلة ركاب، ما أدى إلى مقتل 22 شخصا كانوا على متنها، حيث تحولت أجسادهم إلى أشلاء بفعل الانفجار.
ووصف والي الخرطوم الحادثة بأنها “واحدة من أكبر المجازر البشرية” التي نفذتها “الميليشيا الإرهابية”، في إشارة إلى قوات الدعم السريع. وأضاف أن المدنيين يتعرضون بشكل مستمر للاستهداف في المناطق السكنية، ما يزيد من معاناتهم وسط الحرب المستمرة منذ 2023.
وتزامنت الهجمات الأخيرة مع استمرار المعارك في مناطق متفرقة من البلاد، حيث لم يتمكن أي طرف من حسم الصراع لصالحه، ما أدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية في السودان، وتدمير البنية التحتية للعديد من المدن، خصوصا الخرطوم وأم درمان.
حملة تصعيد مستمرة
وفي شمال دارفور، استهدفت ضربة جوية نفذها الجيش سوقا في بلدة كبكابية في أثناء يوم السوق الأسبوعي، ما أسفر عن مقتل أكثر من 100 شخص، بينهم نساء وأطفال.
وذكرت مجموعة “محامو الطوارئ”، التي توثق انتهاكات حقوق الإنسان خلال الحرب، أن السوق كان مكتظا بالسكان الذين قدموا من قرى مختلفة للتبضع، ما تسبب بعدد كبير من الضحايا جراء الهجوم.
وأوضحت المجموعة أن القصف أدى أيضا إلى إصابة مئات الأشخاص بجروح متفاوتة الخطورة، مشيرة إلى أن المشاهد في السوق كانت مأساوية، حيث تناثرت أشلاء الضحايا وسط الدمار.
في حادث منفصل، أفادت المجموعة بأن طائرة مسيرة سقطت في ولاية شمال كردفان في 26 تشرين الثاني/نوفمبر، لكنها انفجرت مساء الإثنين، ما أدى إلى مقتل ستة أشخاص، بينهم أطفال، وإصابة ثلاثة آخرين بجروح خطيرة.
كما شهد مخيم زمزم للنازحين في شمال دارفور قصفا مدفعيا نفذته قوات الدعم السريع، ما أدى إلى مقتل خمسة أشخاص. المخيم، الذي يواجه أزمة مجاعة حادة وفق تقارير أممية، يقع قرب مدينة الفاشر المحاصرة في ولاية شمال دارفور، ويعد أحد أكثر المناطق تضررا جراء الصراع.
اتهامات متبادلة بجرائم حرب
يتبادل الجيش وقوات الدعم السريع الاتهامات بارتكاب جرائم حرب، بما في ذلك استهداف المدنيين. في بيان صدر الثلاثاء، اتهم الجيش قوات الدعم السريع بـ”نشر الأكاذيب”، مؤكدا أن عملياته تستهدف “قواعد نشاط المتمردين” فقط.
في المقابل، أدانت مجموعة “محامو الطوارئ” الهجوم الجوي الذي استهدف سوق كبكابية، واعتبرته “جزءا من حملة تصعيد ممنهجة تستهدف المدنيين”. المجموعة أكدت أن الهجمات الأخيرة تنفي مزاعم التركيز على الأهداف العسكرية فقط، حيث تركز القصف على المناطق السكنية المأهولة.
من جهتها، أصدرت منظمة “هيومن رايتس ووتش” تقريرا جديدا، اتهمت فيه قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها بارتكاب انتهاكات جسيمة ضد المدنيين في ولاية جنوب كردفان خلال الفترة من كانون الأول/ديسمبر 2023 إلى آذار/مارس 2024. التقرير وثق جرائم تشمل القتل والاغتصاب والاختطاف ونهب المنازل وتدميرها.
وحضت المنظمة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي على اتخاذ إجراءات عاجلة لحماية المدنيين في السودان، بما في ذلك نشر بعثة مراقبة دولية لتوثيق الانتهاكات ووقف استهداف المدنيين.
التعليقات